١٨‏/٠٢‏/٢٠١٠

لمثل هذا يموت القلب من كمد..!!




هل لا بد من المقدمات ؟
هل لا بد أن أقول فى البداية أننى وصلت لهذا المقال بطريق القدر ، وأننى تألمت أشد الألم أثناء مطالعته..
وكنت بعده أقرأ مقالا عن أشهر تلسكوبات العالم ولم أستطع أن أمنع دمعة الألم أن تسقط

بدون كثير من المقدمات ..
إليكم هذا المقال للأستاذ الكبير فهمى هويدى


فضيحة في الجامعة - فهمي هويدي
هذه فضيحة جامعية احترت في أمرها.
إذا عرضت وقائعها فسيكون ذلك من قبل «نشر» غسيلنا القذر وتشويه صورة الجامعات المصرية في كل مكان،
وإذا صرفت النظر عنها فسيكون ذلك من باب التستر على كارثة من العيار الثقيل.
ورغم أنني لست واثقا من أن خيار النشر يمكن أن يوقف الجريمة أو يؤدي إلى محاسبة المسؤولين عنها، فإنني رجّحته، التزاما بمبدأ سرت عليه منذ زمن، هو أنك إذا لم تستطع أن تصلح وضعا معوجّا، فقد يفيد أن تسلط عليه الضوء لتفضحه.

لقد تلقيت رسالة من د.سالم الديب الأستاذ بكلية الطب بجامعة الزقازيق،
قال فيها إنه قبل امتحان البكالوريوس الأخير شُكلت لجنة ثلاثية لمتابعة أعمال الامتحان، كان هو أحد أعضائها،
وبعد مضي ثلاثة أيام من مباشرتها لعملها أدركت أن ثمة تجاوزات جسيمة تعصف بمصداقية الامتحان، وتحول دون تمكين اللجنة من أداء مهمتها على النحو المطلوب،
فاعتذرت اللجنة عن القيام بما كلفت به، وقدم أعضاؤها تقريرا إلى عميد الكلية سجلت فيه تلك التجاوزات، التي كان منها ما يلي:
تعمّد توجيه ممتحنين معينين لامتحان طلاب محددين على نحو يكشف عن رغبة صريحة في المجاملة
ـ الموافقة على أن يغير الممتحنون اللجان، التي تحددت لهم سلفا، ليباشروا مهمتهم في لجان أخرى، ولا يفسر ذلك إلا بتعمّد إشرافهم على امتحان طلاب بذواتهم ليكيلوا لهم درجات لا يستحقونها
ـ إجراء الامتحان لطلاب قبل الموعد المحدد لهم، لكي يقفوا أمام ممتحنين معينين للسبب ذاته
ـ إجراء قرعة صورية لتوجيه طلاب معينين إلى من يمنحهم الدرجات النهائية، في حين طبقت القرعة الحقيقية على آخرين من الطلاب، الأمر الذي يعمّق من عدم تكافؤ الفرص مع زملائهم الموصى عليهم
ـ في حالة محددة اختار الأستاذ المشرف على الامتحان عددا محدودا من الطلاب «المحاسيب» لكي يمتحنهم بنفسه، بما يضمن حصولهم على الدرجات النهائية
ـ في واقعة أخرى شكلت لجنة بها ممتحنون مختارون لامتحان لجنة محظوظة ضمت طالبات من بنات ذوي الحيثية
ـ إن أحد الممتحنين قدّم مساعدة مباشرة لطالب كان مطلوبا منه كتابة تشخيص لصور طبية تظهر على شاشة العرض، هكذا بمنتهى الفجاجة والجرأة.

ما أفزعني في هذه التفاصيل ليس حدوثها في الحرم الجامعي فحسب، ولكن أن يحدث ذلك مع طلاب السنة النهائية، الذين يُفترض أن يتخرّجوا هذا العام وأن يُؤتمنوا على صحة المواطنين، ومنهم من سيحصل على درجات التفوق التي تؤهلهم للانخراط في هيئة التدريس بالجامعة.

وقد تحول الفزع إلى ذهول حين رجعت إلى من أعرف من أساتذة الطب، الذين قالوا لي إن هذه الوقائع وأكثر منها معلومة لدى إدارة الجامعة، ولذلك فليس فيها ما يفاجئهم أو يصدمهم.

الذين تحدثت إليهم قالوا إن كلية طب الزقازيق شهدت فضيحة أخرى تسرب طرف منها ثم تم التكتم عليها،
خلاصتها أن أحد أساتذة الأمراض الباطنة اكتشف اختفاء ورقتي إجابة تخصان طالبين من «الكونترول»، فسارع إلى إبلاغ النيابة بذلك،
وحين انتقلت النيابة لجرد الأوراق وإثبات الحالة، فوجئت بأن الورقتين أعيدتا إلى مكانهما الأصلي في هدوء،
وتبين أن الورقتين كانت إحداهما تخص ابنة رئيس الجامعة، والثانية تخص ابن عميد الكلية،
ولم يستبعد أحد أن تكون الورقتان قد أعيدت كتابتهما من جديد للحصول على الدرجات النهائية،
المهم أن الموضوع تم احتواؤه، وأعلنت نتيجة البكالوريوس وكان «المحروسان» من العشرة الأوائل على الدفعة!

ثمة قصة وفضائح أخرى ترسم صورة الكارثة في طب الزقازيق، التي يروعني ألا يكون الأمر مقتصرا عليها، إحدى تلك الفضائح أن هذا الذي حدث مسكوت عنه من الجميع،
في حين أنه كفيل بالإطاحة بأكبر الرءوس في التعليم وفي الحكومة بأسرها، هذا إذا وقع في أي بلد يحترم العلم أو يحترم مواطنيه، الذين سيكونون الضحايا في نهاية المطاف.

إن جامعاتنا مشغولة بمنع المنتقبات من دخول الامتحانات، ولا يستوقف مسؤولوها وقوع جرائم من هذا القبيل، وهو ما يوفر لنا إجابة عن سؤالين مهمين، هما:
لماذا تعيد بعض الدول الخليجية امتحان حملة الدكتوراه من الطب في الجامعات المصرية؟
ولماذا خرجت الجامعات المصرية من تصنيف الجامعات المحترمة في العالم؟

ليست هناك تعليقات: