لى صديق .. بل أصدقاء
كل منهم يرتدى نظارة ..
بعضهم يرتدى نظارة والده , وبعضهم يرتدى نظارة تخص صديقا أو زميلا
والبعض الآخر لا يرتدى نظارة على الرغم من أنه يعانى من يعوب فى الرؤية
وكان هناك نموذج ثالث لا يرتدى نظارة , ولا يعرف أساسا إذا ما كان يعانى من عيوب بالرؤية أو لا ..
كانوا جميعا فى ذلك الفناء
ووقفت أراقبهم من أعلى .. وأنا لا أخشى من أن يرانى أحدهم .. فأنا واثق أنه لا يوجد منهم من يرى أمامه ولا أمل أن ينظر لأعلى ويرانى
أخذت أراقبهم فى هدوء..
فهذا يصطدم بزميله , وذلك يتعثر فى حجر هنا أو هناك , ويوجد من تعب من كثرة التخبط فآثر أن يجلس مكانه,البعض أدرك أنه يلبس النظارة الخطأ , وحاول أن يستبدل نظارته بأخرى , إلا أنه استبدلها بأخرى غير مناسبة ..
القليل جدا من رأيته وقد استطاع أن يصل إلى النظارة الصحيحة ,, ونظر أمامه واستطاع أن يرى بوضوح , ونظر إلى أعلى فرآنى وهنا أشرت له أن اصعد إلى ..
هكذا هو حال الكثيرين فى الدنيا ..
كثيرون لا يرون أمامهم , ولا يعرفون طريقهم ..
بعضهم ينظر للدنيا من منظار الآخرين
وبعضهم لم يفكر من الأساس فى مستقبله بل هو أغمض عينيه وسلم قياده لآخر يقوده كيفما أراد
هل يستطيع أى من هؤلاء أن يصل إلى مكان ما بينما هو لا يستطيع أن يرى هذا المكان ؟
هل يستطيع الانسان أن يصل إلى هدف لم يفكر فيه ويراه بوضوح أمام عينيه ؟
أشك أن هذا حدث ..
كنت أتسائل دوما لماذا لا يحصل على المركز الأول ( فى الكلية مثلا ) إلا طالب واحد فقط , بينما لو قابلت الطلبة فى أول يوم من الدراسة لقال لك نصفهم مثلا أنه يريد أن يكون الأول ..
ولكن لا يحصل على هذا المركز إلا شخص واحد فقط .. هو الذى كان يرى هدفه بوضوح ويؤمن به , ويفكر فيه ليل نهار , ووجه بوصلة حياته إلى هذا الهدف ,
كانت نظارته صحيحة , واستطاع أن يرى هدفه بوضوح بل يراه بكل تفاصيله رأى نفسه يوم النتيجة وهو حاصل على المركز الأول , ورأى نفسه ووالده يحتضنه فرحا به , رأى أصحابه وهم يغمزونه ويداعبونه , رأى نفسه وهو يسجد لله شكرا فى ذلك اليوم ..
لا أقول لكم هذا من باب النظرية .. بل أقوله من واقع التجربة .. التجربة الشخصية وتجربة الآخرين ..
عندما كنت فى الثانوية العامة كنت أحلم بأن أكون من أوائل الجمهورية ( بل كنت أحلم أن أكون الأول),, كنت أتخيل نفسى وقد تمت استضافتى فى التلفزيون , وكنت اتخيل نفسى و أنا فى ذلك الحوار الصحفى مع هذه الصحيفة أو تلك , كنت أتخيل نفسى وقد فزت بتلك الرحلة إلى أوروبا , حتى المكافأة المادية كنت أعرف ماذا سأفعل بها ..
بالطبع لم أحصل على كل هذا ,, ولكنى فزت وقتها بالمركز الأول على المحافظة , وعندها سمعت اسمى فى نشرة الأخبار بالتلفزيون , ورأيتنى وقد أجرت معى إحدى الصحف حوارا , وكذلك إحدى الإذاعات , رأيت نظرة الرضا تلك فى عين والدى , وعشت بحق مشاعر الظفر التى طالما حلمت بها ....
- بينما أنا أقرأ مذكرات الدكتور القرضاوى , ذكر أنه فى إحدى الحصص بينما كان لا زال طالبا فى المعهد الدينى وربما لم يتجاوز عمره وقتها الثامنة عشرة , سألهم المدرس ما هو حلمك , فكان من زملائه من يتمنى أن يكون مدرسا أو محفظا للقران أو .. بينما كان هدفه هو أن يكون شيخا للأزهر , ( وقد كان مثل هذا المنصب وقتها شىء يصعب الحلم به فضلا عن تحقيقه ) فأكرمه الله تعالى بأن أصبح شيخا للأمة كلها لا الأزهر وحده ..
- كنت أقرأ مذكرات الدكتور نبيل فاروق التى تحدث فيها عن نفسه وعن قصته مع رجل المستحيل .. فشدنى ذات مرة أنه كان فى صباه ربما أيام الكلية كان مغرما جدا بالروايات البوليسية , وكان يحلم بنفسه كاتبا كبيرا , فألف رواية يحاكى بها هذه الروايات , وبخط صغير يشابه الخط الذى كتبت به , وحتى قام بنفسه برسم الغلاف وكتابة اسمه عليه ,, ياله من وضوح للرؤية , وياله من تخيل لأدق التفاصيل , ولذا لا تعجبوا إذا رأيتم الدكتور نبيل فاروق وقد حقق حلمه , فقد كان يرتدى النظارة الصحيحة ..
- فى فترة ما من حياتى كنت أتمنى أن أحصل على جائزة نوبل فى الطب والفسيولوجيا , وكنت فى أحد الأيام أحدث أحد المختصين فى التنمية البشرية , فقال لى تخيل تفاصيل الهدف , تخيل نفسك أمام ملك السويد , تخيل نفسك وأنت تستلم الجائزة , وأنت تستمع إلى تصفيق الجمهور , وأنت تلقى خطاب الفوز بالجائزة ,قص صورة أحد الفائزين بجائزة نوبل وضع صورتك مكانه على المسرح ... الخ
وفى هذا الوقت كانت صورة ميدالية جائزة نوبل موضوعة فى توقيعى فى المنتدى الذى كنت أشارك فيه ..
ولكن حدث أن تطور هدفى فلم يعد جائزة نوبل وإلا لوضعت لكم هنا تلك الميدالية التى تحمل اسمى ..
ربما لا يصل كل من امتلك نظارة صحيحة إلى هدفه ..
إذ يبقى بعد ذلك أن يمشى الطريق الصحيح
ولكنها على كل حال الخطوة الأولى ..
ولكن حدث أن تطور هدفى فلم يعد جائزة نوبل وإلا لوضعت لكم هنا تلك الميدالية التى تحمل اسمى ..
ربما لا يصل كل من امتلك نظارة صحيحة إلى هدفه ..
إذ يبقى بعد ذلك أن يمشى الطريق الصحيح
ولكنها على كل حال الخطوة الأولى ..
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق