٢٧‏/١٠‏/٢٠٠٨

هو فيه إيه !!


منذ زمن لم أمر برحاب الجامعة وما حولها

منذ شهر تقريبا إذ أنهيت امتيازي وانشغلت بعدها بانهاء العديد من الأوراق وباستلام تكليفي إياه

اليوم ذهبت إلى الفيوم ، وإلى جوار الجامعة ،

أردت شراء خوافض لسان ، لمرضاي الصغار الأعزاء ، وأن أرى النت بعد انقطاع يومين

نزلت بجوار الجحامعة

أمشي في طريقي
شخص ما يستوقفني

يطلب مني البطاقة الشخصية

ظنته شخص لا أذكره ، يعرفني ويمازحني

إلا أن الأمر بدا جادا

تجمع بعضهم

قائلين أمن الدولة ... بطاقتك !!

غريبة


غريبة جدا

في وسط الشارع

وهكذا ، ولماذا أنا !!

بعد حوار قصير اكتشفوا أني مجرد طبيب

قادته قدماه إلى المنطقة المحيطة بالجامعة في وقت يبدوا أنهم مشغولون فيه بأمر ما

وأخيرا

ذهبت لحال سبيلي

وفي خلفية الصورة

زحام ، عربات زرقاء كبرى

قطع معدنية صفراء تلتمع على الأكتاف

وجوه مكفهرة

وأجسام غليظة

وسؤال في ذهني يتردد

هو فيه إيه !!


٢٥‏/١٠‏/٢٠٠٨

ومضى ربع قرن...



ومضى ربع قرن ...
نعم
هكذا
وببساطة شديدة
مضى ربع قرن على مولدي
عشت في هذه الحياة 25 عاما
ما قيمتها ؟ ما وزنها ؟ ماذا أنجزت ؟
أقولها بكل تجرد : لا شىء
هذه هي الحقيقة المجردة
هذه هي الحقيقة بلا رتوش
ماذا لو انتهت حياتي الآن
أمر بسيط ، أمر عادي ، بل أمر تافه
أحباء لي سيذكرونني ، بضع أيام أو بضع أسابيع أو ربما بضع شهور
ثم .. لا شيء
رقم في السجلات
هذا أنا
وهذه حقيقتي

للأسف
ماذا قدمت ؟ ماذا أضفت ؟ ماذا أنجزت ؟
لاشيء
أشياء كلها عادية يفعل مثلها الملايين كل يوم
شهادة الطب , بعض مقالات كتبت ، بعض كتب قرأت ،
طز!
لا شيء حقا ذو قيمة
خمسة وعشرون عاما من اللاشيء
ربما حاولت أن أكون شيئا .. ولكن حقا أنا لاشيء
--------------
ليست هذه حقيقتي فقط
بل هذه هي حقيقة الملايين
كلهم لا أشياء
كلهم ينتهي ويذهب
ليصبح رقما
وحتى بعضهم لا يحظى بفرصة أن يكون رقما
مات فلان ومات علان
كلهم أرقام
أحرر لهم شهادة وفاة تأخذ مكانها في السجلات لبعض الوقت ، كما تبقى ذكراهم في القلوب بعض الوقت
وحقا
لاشيء
هذه الحقيقة عرفتها بالفعل منذ أعوام عديدة
ربما اقتربت من الأعوام العشرة
كنت وقتها في الصف الثاني الثانوي
تمنيت وقتها أن أكون شيئا
حلمت أن أكون طبيبا ، وهو الأمر الذي بدا أسطوريا في ذلك الوقت
فالطبيب وقتها كان ذلك الكائن الخرافي الذي يمارس أرقى مهنة ، ويكسب الدخل الوفير ويشار إليه بالبنان
سألت نفسي .. ثم ماذا ..
أعالج مائة أو مائتين أو ألفا أو ألفين
ثم لاشيء
فكرت أن أكون أستاذا في الطب ...وهو الأمر الأكثر أسطورية وقتها
تأملت قليلا
كم أستاذا في كلية طب مصرية ؟ وكم كلية طب في مصر؟ وكم منها في العالم؟
ربما أكون شيئا لأعوام
ثم بكل بساطة
أذهب
ثم لاشيء
فكرت أن أكون عميدا لكلية طب ، أو وزيرا للصحة في بلادي ، ولكن كلها مناصب مؤقتة
تعمل فيها سنة أو سنتين
أو عشرا أو حتى عشرين
ثم تذهب ، ويذهب ما قدمت ليأتي أحمق آخر يرى نفسه عبقريا وينسف كل ما قدمت
كلها إذن لا شيء
لاشيء
لاشيء
شمخت برأسي أكثر
وضعت العالم بين يدي
ورأيت جائزة نوبل ، تقديرا لجهد غير مسبوق ، وإضافة غير عادية ، وشيئا يستحق
ظلت حلما يرضيني
عشته أياما
وتغنيت به ليالي
إلا أنه طالما تكسر على صخرة الواقع
لاداعي أن أحدثكم عن هذه الصخرة ، فكلكم يراها ويلمسها في كل ركن وزاوية
ظلت نوبل تداعب خيالي إلا أنها وقتا ما أخذت تتضائل ، رأيتها أحيانا إنجازا فرديا انتهازيا أنانيا ، يقفز على كثير من القيم ، خصوصا مع كثير من التأمل لنوبل زويل ، نعم أضافت له كثيرا ، ولأمريكا أكثر ، وأضافت بعض احمرار لكفوفنا من حرارة التصفيق..

استبدلت بها حلما آخر ، يركز على المجموع لا على الفرد
يركز على الأثر لا على الانجاز
حلمت بأن أكون حامل لواء النهضة الطبية في مصر بل في العالم الاسلامي
صغت الحلم في كلمات رصينة
رددتها مرارا
وتحدثت بها تكرارا

ومرت خمسة وعشرون
وماذا

لا شيء
------------
الآن
لازال في القلب بعض من بقايا الحلم
لازال هناك دبلومة الجودة التي أدرسها
ولازال هناك فرصة للحصول على مكان بالجامعة
ولازال هناك بعض طموح
لازال كل هذا يرسف تحت أغلال الواقع
أي واقع ...
أبداً
أعمل الآن موظفا بالحكومة
طبيبا بوحدة صحية
أو وحدة ريفية
سمها ما شئت
أوقع الكشف الطبي على 120 مريض في ثلاث ساعات
على الرغم من أني بطىء جدا في عملي مقارنة بآخرين
أدواتي : فقط مسماعي الطبي ، وحديدة أستخدمها كخافض للسان
وأحيانا نظرة ميكروسكوبية يتفضل بها رجل المعمل على بول أو براز المريض
ثم لابد من كتابة علاج
نعم
من بين قائمة لاتزيد كثيرا عن العشرين صنفا من الدواء
هذا هو الطب الذي أمارسه الآن
هل تعرفون أين ؟
في وكر الثعالب
حيث كل الموظفين تقريبا في البيوت
ومن يتكرم بالحضور يأتي لساعتين
أو يأتي ليلقي على زملائه تحية الصباح قبل أن ينصرف
حيث التزويغ حيث الدسائس حيث التحايل حيث الثعالب
لو أني أردت أن أحكي مشاهدات ثلاثة أيام لربما لم تكفني صفحات كتاب كامل كالذي حكى فيه الدكتور نبيل فاروق تجربته في وحدة بالصعيد حجمها أصغر من عشر الوحدة التي أعمل فيها ..
------------
منذ قليل اتصلت بصديق تأملاتي وتحولاتي أحمد محسن المستكشف ، شكوت له خمسة وعشرون عاما من اللاشيء
ذكرني بما قلته له يوما . بأن الانجازات الحقيقية تأتي بعد الأربعين
هل كنت أعني حقا هذا أم هو نوع من الخداع اللذيذ للنفس ؟
الله وحده يعلم
ذكرني بذكريات مشتركة
منذ أربع سنوات تقريبا
كنا وقتها نكثر من القراءة والبحث عن معرفة الذات ، معرفة الهدف ، ترتيب الحياة ، وكان طارق السويدان وقتها فاكهتنا المحببة
ذكرني برتب حياتك
ضحك من نفسه كثيرا عندما تأمل ما كان كتبه منذ أربع سنوات ، ولسانه يقول " كم كنت ساذجا"
وكان ردي " الأسوأ من أن تقول عندما تنظر إلى الوراء كم كنت ساذجا ، أن تقول كم أصبحت أحمقا "
------------
ليست شكوى
بل هي صورة من واقع
صورة لم تعبث بها يد ، ولم تمر على برامج الجرافيك
صورة كما هي بأبعادها الحقيقية ، أو بأبعادها التي أراها
لست متشائما على الرغم من كل قيودي
لازال في القلب أمل
أقصد بعض أمل
أن أكون يوما ما شيئا
أقصد بعض شيء

كل عام وأنتم بخير
كل عام ولازال في القلب أمل

٠٩‏/١٠‏/٢٠٠٨

ولا زال الاختيار معضلة


أكثر ما أكره أن يطلبه شخص مني هو أن أجد له " عروسة " أو أن أرشح له إحداهن ، وهو الطلب الذي بات يأتيني كثيرا مؤخرا ، ربما لأنني سبقتهم على هذا الطريق ، أو ربما لأنهم ظنوا في حكمة أو معرفة تمكنني من إعانتهم .
أما عن السبب في أني بت أكره هذا الطلب للغاية فهو ما اكتشفته مؤخرا من أن الأغلبية العظمى من أصدقائي أو ممن يطلبون مني هذا الطلب لا يعرفون الأسس التي عليهم أن يختاروا بناء عليها ، أو لايعرفون مواصفاتهم حقا ...
الجميع يتحدث عن بنت ناس رقيقة متدينة جميلة ،وبعضهم يريدها طبيبة والبعض الآخر لايريدها كذلك ، إن أنا حاولت أن أفكر في هذه المواصفات فانا أكتشف أن معظم البنات بالفعل بنات ناس ورقيقات وجميلات ومتدينات وبعضهن طبيبات وبعضهن لسن كذلك !!
فكيف يمكنني أن أختار له ؟
أعود بذاكرتي للوراء قليلا ، لأتذكر أنني كنت أضع شروط تنقيح ومواصفات اختيار وكنت أرى أن فضاء العينة المتاح لي للاختيار صغير جدا ، وكانت تبدو المواصفات التي اخترتها واضحة ودقيقة للغاية ، ولا أظنها تغيرت طوال السنوات الأخيرة ولكن يمكن القول أنها تطورت.
أما العديد من الشباب فأجد لديهم مشكلة كبرى خاصة عندما أفاجأ بهذه المواصفات ( العايمة ) التي توجد في كل البنات تقريبا .
أحد أصدقائي أعجبني كثيرا في تحديده مواصفاته ، فهو يريدها متدينة ، أختا أو قريب من ذلك ، ولابد أن تكون من عائلة مرموقه لها وضعها الاجتماعي المتميز حتى تكون على نفس المستوى الاجتماعي لعائلته ، ولابد أن تكون طبيبة أيضا، ولابد أن تكون جميلة أو بيضاء رغبة منه في تحسين الذرية على حد تعبيره ، ربما كان بإمكاني أن أساعده لوضوح مواصفاته ، ولكن أعاقني عن ذلك ضعف شبكة علاقاتي ، لم يتزوج بعد واسأل الله له زوجة صالحة تقر بيها عينه.
وعلى النقيض ..
كثيرون أتعبوني ..
نريد زوجة ..
يحدثك أحدهم عن الدين والتدين وبناء بيت مسلم والتقرب إلى الله ، تحاول أن تساعده فتجد أن مجهوداتك تضيع سدى
، تحاول أن تستكشف مواصفاته عن طريق مقارنتها ببعض الفتيات اللاتي نلن إعجابه ، فتكتشف أن الكلام شيء ، والفعل شيء آخر.
أحدهم حدثني مثل هذا الحديث ، وبعد طول فشل في أن أجد له ما يريد ، أخبرني أنه كاد أن يجد ضالته ، ويوما ما قال لي : سأريك صورة فلانة التي حدثتك عنها وتقدمت لها .. فوجئت بصورة لفتاة ترتدي الجينز ولا ترتدي حجابا !!
صعقت عندما رأيت ذلك ، وعندما قارنته بما كان يحدثني عنه ، وستجد الجميع بعد ذلك يتحدثون عن استعداد فلاة لتغيير من أجلي ، واستعدادها للبس الحجاب ، وأن تكون شخصية جديدة ، وأن زيها الحالي هو نتيجة ظروف اجتماعية معقدة ... الخ
منذ أيام كان عندي أكثر من فرح لأقربائي ، و هي تلك الأفراح التي يكثر فيها استعراضات الزواج ، أشخاص متأنقون ، وفتيات أتت كل منهن تستعرض مؤهلاتها لعلها تفوز بنظرة شاب يرغب في الزواج أو لعل أما تفكر فيها كزوجة مستقبلية لابنها ، وهو الأمر الذي طالما أصابني بالحنق وأتعب قولوني ، وأراه أفشل واكثر الوسائل حمقا لاختيار شريكة حياة .
حتى الطماطم لو أردت أن تشتريها فأنت تمسكها بيدك لتتأكد من قوامها ،ولا تكتفي بلونها البراق ، فكيف يمكن بناء بيت على أساس " شكل " فتاة في إحدى حفلات الزفاف !!
جائني أحدهم من أصحاب المواصفات التي تهتم بالدين ، أريته فتاة من قريباتي أظن أن مواصفاتها تناسبه مبدأيا ، لم يبد ترحيبا للأمر ، ثم وجدته يسأل جادا أو هازلا عن فتاة تجلس في القرب يعطيك أسلوب لبسها انطباعا فوريا عن مستوى تدينها ومستوى تفكيرها ، وصدمت مجددا.
أحدهم أريته أيضا فتاة ظننت أن مواصفاتها تتفق مع ما يطمح إليه ، إلا أنه لم يبد أيضا ترحيبا ، ظننت الأمر في البداية اختلاف أذواق ، ولكن اتضح لي أنه لازال أسيرا لصورة فتاة أحبها منذ عدة سنوات ، وتجمدت عندها المواصفات الشكلية للزوجة التي يريدها ، فمهما كانت فتاة مناسبة له ، إلا أنها لا تشبه تلك القديمة ، ستكون بالتأكيد عروسة " غير مناسبة".
إحدى قريباتي جاءتها فتاة تسألها إن كانت مخطوبة أم لا ، فأجابتها بأن حفل زفافها بعد أقل من أسبوع ، ضحكت في نفسي كثيرا من هذا السخف الذي أراه أمامي ، هل لأن زيدا رأى فتاة ذات ملامح مشجعة فكر في التو في أنها ربما تكون زوجة مناسبة !! ياللحماقة !! ، وما أدراه عن فكرها أو طموحها أو شخصيتها أو مبادئها في الحياة.
عودة إلى المواصفات ( العايمة ) ولناخذ مثالا التدين ، وهو الأمر الذي يتمحك فيه الجميع هذه الأيام ، الكل يقول عن نفسه ملتزم ، والكل يريدها ملتزمة متدينة ، وهو الأمر الذي أراه في الواقع يختلف اختلافا كبيرا جدا من شاب لآخر ومن فتاة لأخرى ، ولنأخذ مثلا شكل الفرح الذي يقبل به هذا المتدين أو المتدينة ،
البعض سيقول أنا متدين ، ولابد أن يكون الفرح إسلاميا ، و يمنع أن يكون هناك دف أو إيقاع للرجال ، ولماذا نشغل أناشيد اساسا ، إذا كان من الممكن سماع بعض الكلمات والمسابقات من زملاء ومعارف العريس .
والبعض سيقول أنا متدين ، أريد فرحا إسلاميا سيكون للنساء قاعة وللرجال قاعة ، وسيكون الفرح جميلا ومبهجا للحضور ، ولا بأس أن تذهب الزوجة للكوافير على أن تستر وجهها عند مرورها من أمام الرجال.
والبعض سيقول أنا متدين ، لابد أن يكون الفرح في قاعة جميلة ، وسيكون الجميع في نفس القاعة ، أغاني ودي جي ، لكن انتبه أنا متدين ، زوجتي سترتدي حجابا ، ولكنها ستكون في الكوافير وستلبس فستانا يجسم نصفها العلوي ، والحجاب جزء من التسريحة يخفي شعرات ويظهر أخرى.
والبعض سيقول أنا أيضا متدين ولكن هذه ليلة العمر ولا يمكن أن أضيعها ،لابد أن أعيشها كملك ، ولا تجد العروسة مشكلة إن هي خلعت الحجاب ليلة عرسها فهي أيضا تريد أن تسعد بليلة العمر .
أرأيتم
كلهم يدعي التدين
ولو أنك بحثت لشاب عن زوجة متدينة فعن أي مستويات التدين تبحث ، وماذا لو كان الزوج مثلا من أصحاب الرأي الأول وكانت الزوجة من أصحاب الرأي الأخير أو العكس ؟!
وأخيرا
أصدقائي الكرام وقرائي الأعزاء ،
من فضلكم تعلموا كيف تحددوا مواصفاتكم
من فضلكم ضعوا مواصفات واضحة محددة تسهل عليكم الاختيار
من فضلكم كونوا صادقين مع أنفسكم ، فلا تضعوا مواصفات على الورق وتتركوا لهواكم العنان في البحث عن مواصفات أخرى.
من فضلكم لا تطلبوا مني أن أدلكم على عروسة ، فلم أعد أرى في الكون سوى خطيبتي..
فقط ..
قد يمكنني أن أساعدكم في وضع المواصفات ، أو في اتخاذ القرار
أتمنى لكم جميعا زواجا سعيدا